الأحد، 28 يونيو 2015

وزارات التفجير

مرت الكويت في يوم الجمعة الماضي , الموافق 26 يونيو بصدمة شديدة و أختبار حقيقي بعد التفجير الإنتحاري الجبان الذي أستهدف مسجد الأمام الصادق أثناء صلاة الجمعة و أثناء سجود المصلين.

كانت الصدمة و الخبر أشبه بالكابوس,  إذ لم تعتاد الكويت على هذا النوع من الأرهاب , و هنا أقصد الأحزمة الناسفة و العمليات الإنتحارية. بل كانت التجارب السابقة عبارة عن تفخيخ سيارات و زرع متفجرات , و هي التجارب القديمة التي تجاوز بعضها الثلاثين عاما.

و كان هذا العمل الإرهابي الجبان أختباراً حقيقياً لأجهزة الدولة للتعامل مع مثل هذه الأحداث و الطوارئ, و لكن أغلب هذه الأجهزة فشلت فشلاً ذريعاّ في هذا الأختبار المؤلم الذي لم يستوعب بعضنا أحداثه إلى الأن.

فبدءً من وزارة الداخلية المناط بها حفظ الأمن و العمل على أستتبابه, كانت هي أول الراسبين بهذا الإختبار,
حيث تم تحذير الدولة مسبقاً عن ورود أخبار تتحدث عن أعتداءات على أماكن مقدسة , و منها مساجد الأخوة الشيعة ,
و هو ما حذر منه الدكتور وليد الطبطبائي قبل شهر تقريباً , و قد كان كلامه صريحاً و محدداً , حيث ذكر بأن مساجد الأخوة الشيعة ستكون مستهدفة من الفئة المنحرفة , لكن يبدو بأن وزارة الداخلية و أجهزة الأمن لم تتعامل مع مثل هذا الكلام بجدية, و لم تعمل على تأمين دور العبادة كما كان يفترض بها أن تفعل. رغم كل الأحداث الساخنة التي تعيشها المنطقة, و لسنا بمأمن منها , فالتفجيرات تحيط بنا من كل جانب ,, سواءً في العراق أو في الشقيقة السعودية, فهل كنا نحتاج "ضربة" تستقيظ على أثرها أجهزة الدولة ؟

كذلك فشلت وزارة الداخلية في مراقبة أصحاب الفكر "الداعشي" المنحرف الذي قالت لاحقاً بأنها تراقبهم منذ فترة,
و هي بهذا القول أما كاذبة أو فاشلة بالمراقبة.

فالمجرم دخل البلاد بسلاسة , و توجه لأصحابه بسهولة , و تم تفخيخه و تزويده بالحزام الناسف , و توصيله لمكان الجريمة بسلام,
و كل هذا يتم أثناء أنشغال أجهزة الأمن بما هو أتفه من ذلك , كملاحقة المغردين و أصحاب الرأي المخالف لتوجهاتهم.

نعم نثني عليهم إلقاء القبض على "بعض" المساعدين في هذا العمل المجرم , و لا نبخس حق أحد , و لكن كان بالإمكان أفضل مما كان.

و الوزارة الأخرى التي شاركت وزارة الداخلية فشلها في هذه المحنة, هي وزارة الأعلام, رغم أني لا أعرف دولة متقدمة و متحضرة لا زالت تملك وزارة أسمها وزارة الأعلام !! ولا زلت أعتقد بأن أسمها الحقيقي هو وزارة "الأعدام" .

فالأعلام الحكومي لا زال يثبت رجعيته و تخلفه عن مواكبة الأعلام الخاص و التكنولوجيا الحديثة ,

و مع ذلك كان على عاتق وزارة الأعلام و تلفزيون الكويت مسئولية ثقيلة , كونهما مصدر أخبار الدولة الرسمي,
و لكن تلك المسؤولية لم تجد كتفاً قوياً لحملها ,

فمع تخبط التلفزيون الرسمي بالأخبار و المصادر , كنا نأمل تصحيح ذلك من خلال توجيه الرأي العام إلى التماسك خلال هذه المحنة التي عصفت بدول و ممالك , كنا نأمل أن تسعى إلى توحيد الكلمة خلال هذه الفتنة التي لا نعلم ما سينتج عنها ,

و لكنها مع الأسف أكتفت بالشعارات و الكلمات الوطنية , و أحضرت للأستديو شخصيات كفيلة بأشعال المنطقة بأكملها تناحراً و عداوة , فأجضرت ضيفاً طائفياً , و ضيفاً محرضاً , و ضيفاً مُتهماً خصومه السياسيين, رغم أن الوضع الطارئ لا يتحمل تبادل التُهم و التخوين , بل يستوجب التسامي على الجراح و الخلافات و توحيد كلمة الشعب في مواجهة هذا الأرهاب الأسود,

و من نتائج أستضافة أفراد كهؤلاء , أنشغل الناس عن الوحدة و التعاطف مع الضحايا , إلى تبادل التهم و رمي المسؤولية على الطرف الأخر , و هذا أمر طبيعي عندما يخرج لنا من يدعوا إلى تغيير المناهج الدراسية و وصف تلك المعتقدات بالتكفيرية , رغم أن من قام بتلك الجريمة لم يكن من أبناء هذا البلد أصلاً و لم يتعلم في مدارسنا أو مناهجنا.

دعوات كهذه كفيلة بأستفزاز فئة عامية لا تستطيع تمالك نفسها في هذه الظروف , و عقول الناس ليست واحدة. و ليس الجميع على قدر من المسؤولية و الحكمة ليكتفي بالصمت عند هذه المواقف.

و هذا الأستفزاز سيقابله أستفزاز من الطرف الأخر , و تخوين و إلقاء تهم و تحميلهم ذنب ما حدث ,, و هكذا حتى يصبح نتاج ما قدمته وزارة الأعلام للأمة هو كرة ثلج يدحرجها الجميع لتكبر .

و لكننا نراهن على وعي أغلب الشعب , و حكمته التي تفوق حكمة الحكومة بمختلف وزاراتها , التي لا يمكن أن توصف يوماً بالحكيمة أو الرشيدة.

فالتجارب الحقيقية تظهر قوة و حكمة و سرعة إتخاذ القرار لكل قطاع و جهاز تم تدريبه - كما هو مفترض - بالتعامل مع حالات الطوارئ.

لذا أنا هنا شخصياً أدعوا الجميع إلى أن "يستفتي قلبه" و يتعامل مع الأمور و الأحداث التي يمر بها الوطن من خلال حسه الوطني ,, بعيداً عن أجهزة الأعلام الحكومية و ممثليها.

كل العزاء نقدمه لأخوتنا الذين فقدوا أهلهم و أحبابهم و أصدقائهم في هذا العمل الإجرامي الجبان ,, و دعواتنا لجميع المصابين بسرعة الشفاء بأذن الله.

و إذ نكرر للجميع , صديق كان أو عدو , بأن الشعب الكويتي كان و لا زال و سيبقى بعون الله عصياً على دعاة الفرقة و الفتن,

و سيبقى الكويتيون بكل طوائفهم و معتقداتهم و أختلافهم, درعاً حصيناً لهذا الوطن و سلامته مهما حاول المجرمون من محاولات خبيثة لزرع الفتنة بينهم.

حفظ الله الكويت و شعبها من كل مكروه .