خلال الأزمات السياسية و الأمنية التي تعصف في أي بلد من بلدان العالم ، تكون نهايتها أحدى الحالتين،
فإما دخول البلد حالة فوضى و بداية إنهيار ، أو تتمكن الدولة بحكمتها من إحتواء الأزمة و إنهائها بلا خسائر.
لكن بكل الأحوال تخرج الدول من تلك الأزمات بتحربة و دروس جديدة و ربما فوائد لواقع غائب عن الأعين و الأذهان .
و هذا الموضوع ينطبق علينا بالطبع عند وقوع أي حالة أمنية حرجة ، كالإختراق الحدودي أو القبض على إرهابيين من القاعدة أو داعش أو حزب الله .
و مؤخراً هرب بعض الخونة الذين ثبتت خيانتهم للوطن بناءً على التحريات الأمنية و إعترافاتهم شخصياً ، الذين أدانهم القضاء بأحكام نهائية في القضية المسماة "خلية العبدلي" ، واجهنا و تعلمنا دروس قد لا تكون جديدة بشكلها العام ، لكنها جديدة من حيث الصفة "خيانة وطن و تخابر"
و بالنسبة لي رأيت هذه الحالة محك و إختبار حقيقي "لبعض مدّعي الوطنية" ، الذين يتغنوا بولائهم و أخلاصهم هم و أجدادهم لهذا الوطن.
لكن كالمتوقع ، فقد فشل هؤلاء قبل بداية الإختبار ، و أثناء الإختبار ،
و بعد إعلان نتيجة الإختبار النهائية، لأنهم أصروا على براءة المتهمين دون النظر للوقائع و التحريات و الإعترافات ، بالإضافة لتعمدهم إغفال أسطول الأسلحة و المتفجرات و القنابل التي تم إكتشافها في مخبأ خاص جهزه الخونة لساعة الصفر .
و سبب ذلك الإصرار على البراءة ليس بسبب إيمانهم ببراءتهم ، بل بكل بساطة : لأنهم من نفس الطائفة.
حتى مع صدور أحكام نهائية تثبت جريمة "الخيانة العظمى للبلد" الذي خيره على الجميع ، لم يحرك ذلك ساكناً لديهم ، و لم يغير في الموضوع شي .
و على نقيض هذا الطرف ، نجد في الطرف الأخر بأنه أثبت بعدة إختبارات أن أمن الوطن خط أحمر لا يمكن تجاوزه ، و على سبيل المثال حالة "مبارك البذالي" الذي أصدر قبل سنوات تغريدات طائفية مؤذية للوحدة الوطنية ، فوقف أبناء طائفته في وجهه قبل الجميع ، و خالفوه حتى تم إسكاته بالقانون .
و كذلك في "تفجير مسجد الصادق" أعطوا الجميع درساً بالتلاحم الوطني و التماسك عند المحن ، فكانوا جميعاً على رأي واحد و هو نبذ الإرهاب و كل ما يمس أمن الوطن أو المواطنين و المقيمين ،
فرأيناهم كذلك يتسابقوا في تلك الأيام ليتبرعوا بالدم للمصابين بذلك الحادث الإرهابي ، و كانت تلك الحالة الوطنية مبهجة للنفس و باعثة للطمأنينة على إستقرار الأمن الداخلي .
و نرى في أحد الأيام خروج أحمق من الطرف الأخر في أحدى التجمعات قائلاً كلمات كلها تعدي سافر على عقائد الناس و معتقداتهم و أعراضهم كذلك ، فماذا فعلته به طائفته ؟
هل وبخته و عاتبته و أجبرته على الإعتذاز ؟
لا ، بل صفقوا له و رفعوه و أعلوا شأنه ، ثم أوصلوه موخراً لكرسي البرلمان !
و أعتقد بأن أحد أهم أسباب إستمرار هذا الحال ، بل و التمادي فيه ، و تحويله من حالة فردية إلى ظاهرة متكررة ، هو سكوت الأخيار و العاقلين من تلك الطائفة ، سواءً سكوت إختياري ، أو إجباري من بعض الطائفيين الذين يتعمدون تهميش هذا النوع من الوطنيين و تشويه سمعتهم ، و أحياناً الطعن في إيمانهم ، فلا يبقى في الساحة إلا المجانين مرضى الطائفية، فيتحول ذلك المجنون مع مرور الزمن إلى "قدوة" للأطفال الذين يتأثروا من تصفيق أبائهم له و وصفه "بالشجاع المؤمن" .
و كذلك من أهم أسباب تلك الظاهرة هو تعامل الدولة السيئ الذي يتصف أحياناً كثيرة "بالليونه" مع مثيري النعرات الطائفية ،
و تعتقد السلطات بتلك الحالة أنها تتصرف بحكمة مع الأزمات ، بينما يراه الطرف الأخر ضعفاً و جبناً ، مما جعل "بعضهم" يأخذ التصعيد الطائفي كهواية و سلم للشهرة و الوصول لأعلى المراتب ، طالما الدولة لا تحاسبه ، و من حوله سعيدين بطرحه و يصفقوا له !
و التجارب الدولية أثبتت بأن من أهم الأسباب التي سقط على أثرها دولاً كثيرة ، كان سبب بسيط جداً تم إغفاله ، و هو الإهتمام بمجابهة العدو الخارجي ، و نسيان و إهمال العدو الداخلي "العملاء" ، الذين يستطيعوا أن يسقطوا الدولة أسرع من غيرهم من الأعداء .
ننتظر من وزارة الداخلية أن لا تدع الساحة للطائفيين من أي مذهب كانوا ، ولا تسمح لهم بإعتلاء المنصات و إيذاء الكويت بهذا الطرح العدائي الذين لا يأتي من خلفه إلا الشر.
و إيقاف كل شخص يضرب في سلطة القضاء و يتهمها بالظلم و عدم الحياد ، و هذه بحد ذاتها جريمة ، منا يؤدي مستقبلاً لفقدان الناس للثقه بهذا الجهاز المهم و الحساس.
و أخيراً نقول للجميع ..
الكويت في أزمة ، الله أعلم كيف ستنتهي بنا ، و تحتاجكم الكويت جميعاً بأن تتكاتفوا و تقفوا صفاً واحداً ضد من يعمل لإشعال الفتن و الإضرار بالوطن ، و الإعلان الجماعي أن أمن الوطن و المواطن و المقيم هو خط أحمر لن نسمح بتجاوزه .
و كذلك نحتاج في هذه الأزمة إلى "مشخال" ، ليبقى أبن الوطن البار ، و يسقط الخائن الذي يرى طائفته أهم من أمن الوطن .
حمى الله الكويت و رعاها بعينه التي لا تنام ، ثم بتكاتف أبناؤها من كافة فئات المجتمع الكويتي الطيب .
آمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق